top of page
بحث

بناء الجيش الوطني السوري: تحديات وفرص

  • صورة الكاتب: sara john
    sara john
  • 3 أغسطس
  • 2 دقيقة قراءة

ree

بقلم: د. سمير التقي

في كتابها عن الحرب الأهلية السورية، تقول جانين دي جيوفاني: "إن الفعل المتوحش لا يدمر أرواح الطرفين – أرواح الضحية والجاني فقط – بل يدمر أيضًا نسيج المجتمع ذاته".

عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، لم يتجه نظام الأسد نحو المصالحة وإعادة توحيد الشعب السوري، بل عمد إلى تفجير التناقضات الطائفية والإثنية والمناطقية، وتحويل البلاد إلى ساحة للصراع المفتوح والتدخلات الدولية. اليوم، وبعد انهيار النظام، تواجه سوريا واحدة من أعقد المعضلات، وهي إعادة بناء دولة وطنية حديثة من الصفر، خاصةً في ظل غياب الشرعية الوطنية ووجود ميليشيات متعددة ومتناقضة الولاءات.

تحديات بناء الجيش الوطني السوري

تعد مهمة تفكيك الميليشيات وبناء جيش وطني جديد من أكبر التحديات التي تواجه سوريا اليوم. ويتطلب هذا الأمر معالجة عدة عوامل مترابطة:

  • ضمان السلم الأهلي عبر شرعية وطنية جامعة.

  • بناء حوكمة رشيدة وإطار قانوني واضح.

  • تحديد نموذج الدولة والاقتصاد الوطني.

  • تحديد التحالفات الإقليمية والدولية.

واقع الميليشيات في سوريا

يمكن تقسيم الميليشيات في سوريا إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

1. الميليشيات الإسلامية الجهادية ذات الأجندة السورية:

  • هيئة تحرير الشام (سابقًا): انضمت إليها العديد من الجماعات المحلية والمقاتلين الأجانب مثل الأوزبك والإيغور والقفقازيين، ويقدر عدد قواتها حاليًا بحوالي 90 ألف مقاتل.

  • التكييف والتحول: قامت الهيئة بتغيير هيكلها وخطابها وتحييد خصومها وإقامة تفاهمات أمنية مع تركيا.

  • المقاتلون الأجانب: يُقدر عددهم بحوالي 15 ألف مقاتل، من ضمنهم إيغور ومصريون وخليجيون.

  • الإخوان المسلمون: ترتبط بعلاقات غير معلنة مع حركة أحرار الشام.

  • الميليشيات المدعومة تركيًا: تركز على محاربة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

2. الميليشيات الإسلامية الجهادية ذات الأجندات الإقليمية والدولية:

  • داعش: يتمركز حوالي 4000 مقاتل في البادية وأرياف حلب والرقة، ويعيد التنظيم بناء صفوفه من خلال المخيمات والتجنيد المحلي.

  • حراس الدين: يُعتقد أنه الفرع الجديد لتنظيم القاعدة في سوريا، ويبلغ عدد مقاتليه حوالي 15 ألفًا.

3. القوات العرقية والإثنية والعشائرية:

  • قوات سوريا الديمقراطية (قسد): يبلغ عدد مقاتليها حوالي 60 ألفًا، وتتلقى دعمًا من الولايات المتحدة.

  • القوات الدرزية في جبل العرب: يبلغ عدد مقاتليها 12 ألفًا، وتطالب بدولة لامركزية.

  • قوات الدفاع المحلي في الساحل: نشأت كرد فعل على الهجمات التي تعرضت لها المنطقة بعد انهيار النظام.

استراتيجيات وتحديات حل الميليشيات وبناء الجيش الوطني

  1. حل الميليشيات الإسلامية الجهادية السورية ودمجها:

    • بناء إطار عقائدي وطني جامع.

    • رقابة مدنية صارمة.

    • برامج تدريب واحترافية وانضباط.

    • تحديث العقيدة العسكرية لتكون وطنية وغير مسيّسة.

  2. دمج المقاتلين الأجانب:

    • التأهيل العقائدي المكثف.

    • ضمان الولاء الوطني السوري بعيدًا عن الأجندات الخارجية.

  3. حل الميليشيات ذات الأجندات الإقليمية والدولية:

    • التعاون الدولي والإقليمي للقضاء على هذه الجماعات وتجفيف مواردها.

  4. دمج القوات العرقية والإثنية والعشائرية:

    • تحقيق مطالبها في اللامركزية والاعتراف بالحقوق الثقافية والقانونية.

    • توفير الشعور بالأمان والاستقرار وسيادة القانون.

آفاق مستقبل سوريا الجديدة

تقف سوريا اليوم أمام تحديات هائلة في ظل تعدد التدخلات الإقليمية والدولية. الخيار الوحيد لتحقيق الاستقرار يكمن في بناء دولة سيدة موحدة وجيش وطني غير مسيّس، يعتمد على الدعم العربي كقاطرة لتحقيق الاستقرار والتنمية. وفي هذا الإطار، يجب على السوريين تجاوز خلافاتهم الداخلية والعمل على بناء توافق وطني جامع لمنع تحويل البلاد مرة أخرى إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية.

إن نجاح السوريين في بناء دولتهم وجيشهم الوطني الجديد سيمثل معجزةً وتحديًا كبيرًا، لكنه ضروري لضمان مستقبل آمن ومستقر لأجيالهم


 
 
 

تعليقات


© 2020 مجموعة إنسايت الاستشارية

  • LinkedIn Social Icon
  • Twitter Social Icon
bottom of page